البوابة
اقتصاد السوق و حقوق الانسان الاقتصادية
يتمحور مفهوم الانسان السائد عالميا على الحقوق السياسية اساسا ، ويستبعد عمليا الحقوق الاقتصادية في مفهوم حقوق الانسان ، رغم ان شروط الحياة المادية لا تقل اهمية عن شروط الحياة الاخرى . فمفهوم اقتصاد السوق بنسخته الليبرالية التي يجري تعميم طغيانها عالميا يعد الحقوق الاقتصادية هي الحقوق التي يقررها التنافس الصراع في السوق الحرة ، و هي منتج ثانوي و ليست من سياسات اقتصاد السوق ، الا في حدود برامج اطفاء الحرائق و منع انفجار التوترات الاجتماعية و عبر برامج تخفيف الفقر الواسع الذي تنتجه السوق اللبرالية ذاتها.
في سورية:
مع التوجه نحو اقتصاد السوق و مع تمكين القطاع الخاص من السيطرة على الاقتصاد و توسيع سيطرته على القطاعات الاخرى ، تبرز احدى جوانب الصراع اليوم حول مسألة الحقوق الاقتصادية اي ما يسمى( بالمكتسبات الاجتماعية)و شبكة الضمان الاجتماعي رغم ان مفهوم الحقوق الاقتصادية اوسع من هذين المفهومين و مع تحول دور الدولة تدريجيا من ممثل لتحالفها التاريخي و المدافع عن مصالح هذا التحالف المكون من العمال و الفلاحين و فقراء المدن و الفئات الوسطى و البورجوازية الصغيرة و المثقفين بقيادة الجيش ، الى دولة تلعب دور المنظم و تقف على الحياد بين الطبقات و الفئات الاجتماعية ، و الحياد غير موجود في الواقع ابدا ، و ترغب بان يبقى الصراع يتخذ اشكالا هادئة عملا بسياسة الدولة التي لا ترغب بإثارة الضجيج عموما، مع كل هذا التحول فان الحقوق الاقتصادية تعود لتكتسب أهمية كبيرة ، و تعود لتطرح مسالة عودة المجتمع لامتلاك قدرته الذاتية للدفاع عن حقوقه الاقتصادية و الاجتماعية .
