أمي - يا سادة - امرأءة كاملة البساطة، طيبة لدرجة البراءة ، حنونة لدرجة غيرة الحنان من حنانها، شفوقة ، عطوفة،مضيافة مُحبة للآخرين ومتفانية لأبعد الحدود.. أمي رائعة جداَ جداً . وأعظم ما فيها أنها اختصرت حياتها كلها بأمرين لا ثالث لهما: بيتها الذي أنفقت فيه جل أيامها ومكان عبادتها الذي دأبت على زيارته يومياَ إلى أن أقعدها المرض.
السياسة كلمة ليست في قاموسها أصلاً والاقتصاد هو تأمين مؤونة البيت. و "الديمقراطية" بالنسبة لها هي أن نطيع الوالد ولا نغضبه بشيء، و "الاشتراكية" هي مساعدة بعض من حالهم من حالنا ( الفقراء ).و"البيروقراطية" هي ضرورة موافقة أبي على نوع طعام الضيوف.والقومية هي سورية ، أما "العولمة " فكانت مشكلتها الأساسية في الحياة. وعندما كنت أسألها عن "الدراما"و "التراجيديا" تجيب بكل وضوح ( تقبرني أنت ما أغلاك).و تتابع تنقية العدس من بعض الحصى المندس فيه عنوةٍ تماماً كبعض الأفكار المدسوسة بفكرها، طبعاً الغدا (مجدرة ).
ولكن هل تصدقون أن أمي هذه من كبار المتعصبين ...!! أجل أمي – يا سادة – متعصبة جداً فهي لا تعترف بدين غير دينها أبداً فهي على قناعة كاملة ،ثابتة و راسخة بأننا أفضل خلق الله جميعاً و بأننا الفائزون بجنته.
أمي العظيمة هذه كانت على استعداد لتقبّل لي يدي لتثيني عن مجرد التفكير بفتاة من خارج الطائفة – أيام دراستي الجامعية-. لكي لا أكون من الكافرين على حد قولها.
زرت صديقاً يسكن مكاناً بعيداً عن مدينتي وهناك استقبلني أهله بكل حفاوة و كرم . و هم مثلنا تماماً فقراء لكنهم يحبون الضيف وووو.. و خاصة أمه التي تشابه أمي كثيراً بأهم نقطة هي تعصبها الذي كان واضحاً من كثرة المحاذير بالتعامل معي لأني لست من طائفتهم الكريمة.إذا أمي المسكينة ليست هي صاحبة الابتكار بل هي مجرد ضحية كما نحن.
وكم أرعبني أن يصبح اسم أمي مقترناً بطالبان أفغنستان و حاخامات اليهود وووو و غيرهم من رموز التعصب .
أمي لا تكوني كأولئك الذين حين يعتلون منابر الخطابة مدافعين عن دينهم لا يترددون باطلاق دعوات الحقد و الكراهية للأخرين. تعالي يا أمي لنعد لقوله تعالى : " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم ".
لن أدخل بفلسفة التعصب وأنواعه الكثيرة ولكني أقول أني لا أحبه بالمطلق. ولكن هل له مبرارات أو حسنات كما يقولون؟؟؟؟
فيصل تركي خليفه
عدل سابقا من قبل أبو مجد في الإثنين 12 يوليو 2010 - 18:32 عدل 1 مرات