طال انتظاري للنهار الصبيحْ
ماذا على الأجفانِ لو تستريحْ
الليل داجٍ و الجـوى مقمرٌ
و النجمُ ساهٍ و الأمانيُّ فيحْ
و روعةُ البيداءِ في خاطري
يأخذ منها كلَّ معنىً صريحْ
ما للدراريِّ الـتي فوقنــا
يلوحُ منـها مُغـرياً ما يلوحْ
تكاد تدنـو ثـم تنأى فمنْ
علَّمها هـذا الـدَّلالَ المَليحْ
كـأنَّها و الليلُ زاهٍ بــها
أزرارُ ماسٍ رُكِّـبتْ في مُسوح
أفي لحاظِ النَّجـمِ سُقمٌ كما
في غيرها و الرَّمْيُ عنها صحيحْ
شرارُ فحـمِ الليلِ لا ينطفي
كأنما هبَّتْ على الليلِ ريـحْ
يا ساهراً في النبك أين الأُلى
أنتَ من الشوق إليهمْ قريـحْ
فـابقِ على قلب المعنَّى و لا
تُجْهِزْ عليه فَهْوَ منهمْ جريـحْ
يهمسُ في الليلاء مستنجزاً
بذِكْرِهمْ وعْدَ المنى من شحيح
في مهمهٍ قفرٍ كأنَّ السَّــما
لم تروِهِ بالقَطْر من عهدِ نوحْ
إنسـانُهُ ضَـبُّ و أشجارُهُ
شيحٌ و أصواتُ التَّغنّي فحيحْ
ينوحُ فيهِ الذئبُ مستوحشاً
وارحمتـا للذئـبِ فيما ينوحْ
و عصبةٍ عَـرْباءَ فوق الثَّّرى
لكنَّها من مجدها في صُروحْ
أخرسها الصـبر و من حقها
من طول ما عذَّبها أن تصيحْ
كل رغيـفٍ حـوله تسعةٌ
كـأنـما صلَّى عليه المسيحْ
و صـافناتٍ سـائماتٍ لنا
تغدو كما يغدو القطا أو يروحْ
تكاد لا تمشي و عهدي بها
فيهـا لنا كلُّ سَبوقٍ سَبوحْ
قد زعموا الوادي لنا مرقداً
و كل بيتٍ يحتويـهِ ضريحْ
و مـا دَرَوا أنَّ نفوساً لنـا
تنفحنا في كـلِّ يومٍ بروحْ
ويـلٌ لقومٍ جهـلوا أنـها
قد خُلقَت من دونهم للفتوحْ
قالها الأمير عادل أرسلان في وادي السرحان عام 1927م عندما كان هو ورفاقه من المجاهدين في الصحراء السعودية