بيرق "القريا" : دماءٌ أريقت ليبقى مرفوعاً
إذا كنت زائراً للعم "حمد شقير" الملقب بـ"أبو أيمن" في بلدة "القريا"
التي تبعد /19/ كم عن مدينة "السويداء"، لابدّ لك من السؤال عن
بيرق زيّن صدر مضافته كتبت عليه عبارة: «الجنة تحت ظلال السيوف.
العم "أبو أيمن" تحدّث لموقع eSuweda عن الراية التي تعني الكثير
لرجل سبعيني ورثها عن والده، الذي كان أحد مجاهدي الثورة السورية
الكبرى، فقال: «دماءٌ نقية أريقت ليبقى البيرق مرفوعاً، فلهذه الراية أثرٌ
كبيرٌ في نفوسنا فهو في البداية رمز نعتز به، لأنه لم يكن مجرد راية
انتظم خلفها المقاتلون، بل لأنه قيمة نضالية ارتبطت بأيام النضال ضد
الاحتلال. ولغاية هذا التاريخ تجد قصص النضال وروايات الأجداد
محور الأحاديث في المضافات ولقاءات الأهل في هذه البلدة، ولذلك
يكون أقل ما نقدمه للوفاء بتاريخ الأجداد هو المحافظة على هذه الراية».
ويضيف: «احتفظت بالراية من أيام والدي "سليم شقير" حمّال بيرق
"القريا"، في زمن "سلطان الأطرش"، الذي كلّف به والدي لأنه كان
محارباً في صفوف مقاتلي الثورة ومشاركاً في معاركها، حيث أصيب
في معركة "المزرعة"، وذهب سيراً على الأقدام إلى "حاصبيا" في
لبنان بقيادة أبو "غالب زيد الأطرش"، وأصيب ونقل منها إلى "السويداء" جريحاً.
توفي والدي في عام 1986 ولازلنا نحتفظ بصورته يحمل البيرق،
ونعتز به وبكل المجاهدين الذين دافعوا عن راية وطنهم وساروا في ظلها لتحقيق النصر».
وعن ذكريات البيرق وتقاليد المحافظة عليه التي يرويها عن أبيه، يتابع
"أبو أيمن" بقوله: «كان البيرق دليل المحاربين وكلٌ يتبع تحركه،
وكان لابدّ لحمّال البيرق من امتلاك صفات وخصال أهمها الحكمة
والقوة، ليكون على قدر من المعرفة التي تمكنه من اختيار المكان
والزمان المناسبين للتقدم ، لأن البيرق دائماً مكانه بالمقدمة، ولا يجب
أن يكون متهوراً، وإذا قتل حماله ينتقل لفارس آخر، وهكذا ليبقى البيرق مرتفعاً».
السيد "فارس شقير" أحد أبناء "القريا" تحدّث عن تاريخ البيرق
ومعانيه، فقال: «جميلٌ أن يبقى بيرق "القريا" رغم كل هذه السنين،
وفي "القريا" للبيرق معنىً وقيمةً، فقد ضحى أبناء البلدة ليبقى هذا
البيرق مرفوعاً وشامخاً، وبالنسبة لآل "شقير" فقد قدموا الشهداء مثلهم
مثل أهالي الجبل وأهالي البلدة ومنهم "هزيمة شقير"، و"نجيب شقير"،
و"سلمان شقير"، وأغلبهم استشهدوا بمعركة "المسيفرة"، وبعضهم
بمعركة "المزرعة" ومعركة "رساس وعرى"، لذا فإن بيرق "القريا"
يقترن بذكريات وحوادث لا يمكن نسيانها، يرويها كبار السن لتكون قدوة ومثلاً للأبناء.
وقد يكون من المفيد هنا أن نذكر، أن أول علم عربي حيك كان في
"القريا"، قبل زيارة الشريف "حسين" وعلق في ساحة دار "سلطان
باشا الأطرش" وكل أبناء المحافظة ساروا إلى "بصرى" حينها
ليستقبلوا الملك "فيصل"، وفي سراي الحكومة رفع "عقاب شقير" العلم
العربي و"صالح طربيه" رفع بيرق "القريا" وهذه معلومات يذكرها
أهالي القرية ممن عاصر آباؤهم الثورة.