المجاهد حمد يوسف اشتي
فدائي القلعة
ولد المجاهد حمد يوسف اشتي في السويداء عام 1900م وقد توفي والده وهو في العاشرة من عمره تاركاً طفله الوحيد لتقوم أمه بتربيته على مكارم الأخلاق من صدق في العمل ومن تعاملٍ نزيهٍ بين الناس.فدائي القلعة
وكان المجاهد اشتي شاب قصير القامة نحيل الجسم ولكن لم يمنعه ذلك من المشاركة في الثورة السورية الكبرى و لم يثنه عن الجهاد في سبيل الوطن والحياة الحرة الكريمة فكان في عداد الثوار الذين زحفوا بتاريخ 2 آب 1925 إلى المزرعة لمواجهة الاستعمار الفرنسي يحمل بندقيته وكان له ولرفاقه الثوار شرف المشاركة في معركة المزرعة التي ألحقت أكبر الهزائم بالاستعمار الفرنسي.
حرق قلعة السويداء
بعد عودة الثوار إلى السويداء من معركة المزرعة يرفعون راية النصر قرر الثوار الدخول إلى قلعة السويداء التي كانت حاميةً للاستعمار الفرنسي وكان بداخلها أكثر من خمسمائة شخص من جنود وضباط ونساء وأطفال. وكان للقلعة أهمية كبيرة لما تشكله من خطر على الثوار حيث تتمركز فيها المدفعية والرشاشات والأضواء الكاشفة.
ورسمت الخطط للدخول إليها واحتلالها وأسر حاميتها ووقع الاختيار على المجاهد البطل أبو حسين أحمد اشتي من قرية مصاد لوضع الخطة واختيار فئة من المقاتلين تستطيع تفجير الذخيرة في المرحلة الأولى وبدأ الثوار يحاصرون القلعة ليلأ ونهاراً, ويستطلعون، ويفتشون عن المكان المناسب لاختراقها واجتياز أسوارها الإسمنتية والأسلاك الشائكة المحيطة بها. وبعد الكشف عن المكان المناسب للوصول إلى مستودعات الذخيرة أجمعت الآراء على اقتحام القلعة من الجهة الجنوبية, ولكن بصورة سرية, وبعدد قليل من المهاجمين وكان في السور الجنوبي فتحة صغيرة أرضية تخرج منها المياه, وهذه الفتحة يمكن للرجل النحيف عبورها بسهولة.
واختير المجاهد حمد اشتي بسبب صغر جسمه. ولما يمتلكه من شجاعة وإقدام للقيام بهذه العملية الجريئة وعلمت أم حمد بتكليف وحيدها للقيام بهذه المهمة فاحتجت وخشيت من نتائج المغامرة ولكن ولدها رفض سماعها وطلب منها أن تكون مؤمنة بعقيدتها وبمشيئة القدر.
وفي ليلة ظلماء وبعزيمة لا تعرف الهوان وبقلب أقسى من الصخر حمل المجاهد حمد صفيحة الكاز وعلبة كبريت قدمهما المجاهد محمد بلان تبرعاً لهذه العملية الفدائية.
زحف المجاهد تحت الأسلاك الشائكة حتى وصل إلى الفتحة في السور ونفذ منها إلى الداخل وأطل على نافذة صغيرة في الطابق الأرضي وأشعل النيران داخل المستودع ولأن طريق العودة كان محفوفاً بالخطر أكثر ولا سيما بعد أن التهبت النيران وأخذت الذخيرة تتفجر وانتبه الحراس وأخذت الأنوار الكاشفة تضيء كافة جوانب القلعة و كشف أمر المجاهد فصوبوا إليه القنابل لتنفجر إحداها بالقرب من الفدائي البطل فأصيب فخذاه ويده اليسرى.
لم يفقد وعيه على الرغم من كثرة الإصابات الخطرة فأخذ يستنجد وكان عمه ورفاقه على مسافة بعيدة يراقبون الانفجار الهائل الذي هز المنطقة بعنف ويشاهدون أعمدة الدخان المتصاعدة وعندما سمعوا صوت الاستغاثة يطلقه الفدائي البطل كان عمه أحمد اشتي أول من وصل إليه ورفعه على ظهره وأوصله ورفاقه إلى قريته مصاد وبكل جرأة وهدوء أحضرت الأم إبرة وخيط من الحرير الأصلي وأخذ أعمامه ورفاقه يشاهدون هذا العمل الجراحي الخطير تقوم به أم عظيمة لولدها فلا ترتجف يدها ولا تدمع عيناها.
وكان العلاج الوحيد لهذه الجراح الطب العربي الشعبي الذي كان يحسنه جده لأمه الشيخ حسين عبيد ونقل الجريح من قرية مصاد إلى مكانٍ في إحدى مغاور تل جنجلة فأدخل إليها ترافقه والدته التي كانت تعالج جراحه بالأدوية الشعبية المعروفة كالدباغ من قشر الرمان وزيت الزيتون والخفان وكانت هذه المغارة التي لجأ إليها مسكناً لأحد الوحوش الضارية ( الضبع ) وصبر الجريح الليالي الطوال وقد أضناه الألم حتى كتب له الشفاء بعد أكثر من شهرين من المعاناة بقي بعدها معوقاً بيدٍ واحدة و يده اليسرى التي أصيبت أصبحت بدون عظم لا تعينه على أي جهد أو عمل.
وبعد شفائه بفترة قرر عمه أحمد تزويجه بابنته ( ثريا ) تقديراً له على بطولته وما بذله من تضحية ورزق منها ثلاثة أولاد وبنت وأمضى المجاهد حمد اشتي حياته باحثاً عن الحياة الكريمة وسط أسرة شملته بالحنان إلى أن وافاه الأجل في 28 / 7 / 1992 وكانت حياته صفحة مجيدة في النضال والجهاد الصامت.
[img][URL="http://uploadpics.a2a.cc"].[/URL][URL="http://www.a2a.cc"].[/URL][/img]